Thursday, December 20, 2012

لبنان يلتحق بقافلة فوضى التغيير العربي...


 ...لبنان يلتحق بقافلة فوضى التغيير العربي 

 
باتت الفوضى السمة  الرئيسية  التي تطبع حال البلدان التي شهدت  الحراك الشعبي العربي الذي تعددت تسمياته حسب مصادرها  بين "الربيع"  و "الثورة"  و ما اليها  من "صحوة"  او "انتفاضة"  . و باتت  تسمية "الفوضى العربية " هي الانسب اليوم لنصف ما يحل في تونس من انعدام امن و استقرار و ما تشهده ليبيا من ضياع للسلطة و الثروة  و تشتتتها ، و ما دخلت فيه مصر من انقسام يحضر الى مواجهات و حرب اهلية لا يعلم احد الان افقها و منتهاها... ، و ما تتقلب فيه اليمن من انعدام رؤية للمستقبل و المصير و ارتباك في المسار السياسي و الامني ، و ما تعيشه البحرين من هبة شعبية بوجه  الحاكم ما يفسد عليه السلطة و استقرارها ، و يبقى ما هو افظع من كل ما تقدم من المآسي التي تعيشها سورية ولبنان نتيجة العدوان الكوني عليهما و الذي تسبب بدمار و قتل يستمر مرتكبوه في غيهم رافضين اي حوار يعيد للعقل سلطانه و يضع الامور في نصابها  .
في ظل هذا المشهد الفوضوي التدميري  الذي تسللت اليه اميركا و امتلكت معظم ازمته ، اختار لبنان الرسمي ان ينأى بنفسه عن كل ما جرى... ، و ظن دعاة هذا الشعار ان تنفيذه متيسر ، و لكن نسوا ان وصول الفوضى الى حدودهم الشمالية و الشرقية و مع وجود تشابك العلاقات و المصالح مع سورية ، سيكون  النجاح في التطبيق معدوماً، و فاقم الوضع سوءا انخراط فريق لبناني و بشكل علني مباشر في الازمة السورية تحت ذرائع شتى، ثم اقدام الفريق ذاته و مدفوعا بشهوة السلطة القاتلة الى تعطيل العمل في مجلس النواب هذا الامر و سواه بات يطرح جديا اسئلة حول مستقبل لبنان و مصيره خاصة في ظل العناصر التالية :
1)  الانتخابات النيابية :اعتمد  لبنان في العام 2009 قانون انتخاب لا زال نافذا  و هو قانون انتخاب اتفق الجميع على انه غير ملائم للحالة اللبنانية و انه قانون " تزوير الارادة الشعبية " عبر تحكم المال و العصبية الطائفية بصناديق الاقتراع ، و اضافة الى ذلك فانه لا يمكن المسيحيين الذين اعطاهم اتفاق الطائف نسبة النصف من عدد النواب لاعتبارات تتعلق بالوفاق الوطني و حماية الوجود و الفاعلية (مع علم المؤتمرين يومها بان المسيحيين لا يشكلون النصف من سكان لبنان ) و لكن القانون النافذ حاليا لا يمكنهم و بارادتهم من انتخاب اكثر من 45% من حصتهم ( 31 نائب من اصل 64 ) و بالتالي فان التمثيل الحقيقي للمسيحيين في المجلس هو الان  ربع المجلس ( اي اقل من نسبتهم الشعبية ايضا) لكل هذه الاسباب كان رفض اجراء الانتخابات وفقا  لهذا القانون ، و بالتالي فان البلاد و مع حلول حزيران المقبل و مع اصرار فريق الحريري- جعجع الكلب ... على مقاطعة مجلس النواب اي رفض البحث في قانون انتخاب جديد ، يقابله  رفض فريق الاكثرية النيابية الممثل في الحكومة اجراء الانتخابات وفقا للقانون القائم ، فاننا سنتصور  المشهد اللبناني كالتالي :
-    انتهاء ولاية مجلس النواب بحلول الاجل (اربع سنوات ) لان مبدأ استمرارية المرفق العام لا يطبق على مجلس النواب لانه يخضع لمبدأ الوكالة التي تسقط بحلول الاجل .
-    استمرار الحكومة القائمة حاليا بمهام السلطة التنفيذية ، و هي خاضعة لمبدأ استمرارية المرفق العام ، بخلاف الحال مع منصب رئيس الجمهورية الذي تكون الولااية فيه خاضعة لمنطق الاجل و المدة المحددة . و في حال انتهت الولااية دون انتخاب الخلف فان الحكومة مجتمعة تقوم مقام رئيس الجمهورية في صلاحياته التنفيذية غير التمثيلية و غير البروتوكولية .
-    و مع اصرار رفض اجراء الانتخابات وفقا للقانون الحالي لا يكون بدا من صيغة او تسوية ما ، لا يمكن الوصول اليها الا عبر جمعية وطنية تأسيسية يشارك فيها – من غير انتخاب او بانتخاب – القوى الوطنية التي سيكون واجبها ليس البحث عن قانون انتخاب فحسب بل و اهم من ذلك البحث عن صيغة نظام جديد يحل مكان الطائف الذي ثبت عقمه و عجزه على انتاج  الحلول للمآزق في السياسة و الحكم ... و مع هذا الوضع يكون لبنان قد التحق بمنطقة الفوضى العربية الباحثة عن نظم سياسية جديدة .

2)    التحدي الديمغرافي : تعرض الجسم الديمغرافي اللبناني لاكثرم صدمة من هزة خلال شهور "فوضى التغيير العربي " ادت الى تصدعه خاصة مع ظهور :
-    حدة في التباين و الانقسام الطائفي و المذهبي و بشكل خاص بين " السنية السياسية " و الشيعية السياسية " انقسام تطور الى بدء رسم خنادق و خطوط بين الطوائف و المذاهب دفع الكثير الى الانطواء على الذات و التقوقع رغم ما في هذه الامور من ضرر يلحق بالمصالح الخاصة لهم اولا و بالوحدة الوطنية ثانيا، و لولا استمرار علاقات معينة  و في سقوف محددة لوقعت القطيعة التي لا يمكن معها التفكير بسلطة وطنية واحدة .
-    دفق النازحين من سورية الى لبنان و بصورة خاصة الفلسطنيين من سكان المخيمات الذين تعدى عددهم في اسبوع فقط ال 12 الف نازح و تحذر الجهات المعنية من وصول العدد مع استمرار الازمة في سورية الى مئة الف... يضافون الى مئة الف سوري وصل حتى الان الى لبنان .
-    استشراء نزعة اغلاق المناطق بوجه اللبنانين عند اختلاف الدين او المذهب ، حيث انه و خلافا لاحكام الدستور التي تؤكد على حق اللبناني بالتملك و السكن في اي منطقة يشاء ، فان هذه الاحكام باتت شبه معطلة مع انتشار ذهنية " لا نقبل بيننا من لم يكن من مذهبنا " .

3)  التناقض السياسي : مع اغتيال  الوزير الراحل شهيدنا البطل الرئيس ايلي حبيقة...  في العام 2002 ، ظهر  الى العلن انقسام لبناني حاد بين تيارين : تيار اقليمي مشرقي يرفض التبعية و ارتهان لبنان للغرب ( اسمي فريق 8 اذار لانه في 8 اذار 2005 اجرى حشده الاكبر للتعبير عن خياراته ) و تيار معاكس و هو  غربي التبعية و الهوى اسمى 14 اذار لانه في هذا التاريخ من العام 2005 رد على الحشد الاول بما استطاع تحشيده من جمهور ) . و في البدء تعايش هذان التياران في مساكنة " الاعدقاء" ثم تنافرا و استأثر الفريق الغربي بالسلطة الى ان وقع الصدام الميداني الذي قاد الى تسوية هجينة ثم حكومة وحدة وطنية تكررت مرتين ، ثم و مع سقوط الحكومة الثانية وقع طلاق ( يبدو انه طلاق بائن ) طلاق شهره فريق 14 اذار الى حد رفضه العمل مع الفريق الاول تحت اي سقف و في اي صيغة حيث انه يرفض :
-    الاشتراك في حكومة وحدة وطنية مهما كانت المبررات و الدوافع الهيا ، و رغم كل الاغراءات التي قدمت لهم منذ سنتين – يوم تشكيل الحكومة التي لازالت قائمة – رفض فريق 14 اذار الدخول في الحكومة .
-    العمل في مجلس النواب ، حيث انهم و منذ تشكيل الحكومة امتهنوا في مرحلة اولى تطيير نصاب جلسات المجلس ، ثم  وانهم منذ شهرين رفضوا حتى الاشتراك في اللجان الفرعية للمجلس بشكل يقود كما يرغبون الى تعطيل مجلس النواب .
-    الدخول في حوار وطني حول المسائل الوطنية الكبرى ، و هم و منذ التزموا  مقاطعة  جلسات الحوار التي يدعو اليها رئيس الجمهورية يصرون على رفض الحوار . و كلل هذا المواقف بموقف صريح من مسؤولي 14 اذار بانهم ليسوا على استعداد للقاء الفريق الاخر او الاجتماع به تحت سقف واحد مهما كانت صيغة هذا الاجتماع .
هذه الامور تقود الى القول بان لبنان لا يعاني من ازمة قانون ، او ازمة حكومة ، بل ان لبنان بات يعاني بالفعل من ازمة نظام و صيغة حكم تراعي الهواجس و تحفظ الحقوق و تؤمن العدالة ، ازمة لا يمكن ان تحل بالمسكنات ، ازمة لا بد لها من حل جذري يتجاوز المعالجات العادية السطحية ليصل الى الجوهر ، و هنا قد يسجل لتيار مستقبل الحريري السلفي تكفيري وهابي كافر زنديق في الفريق السعودي. انه بعد اقحام نفسه في الازمة السورية ، و زيارته الى غزة في طبعتها الجديدة... ، و استمراره في تعطيل الانتخاب من باب منع اقرار قانون انتخاب ،  قد يسجل له انه دفن الطائف و الحق لبنان بقافلة  فوضى التغيير العربي السلفي تكفيري وهابي كافر زنديق في الفريق السعودي.... فهل على اللبنانيين التحضير لهذا الالتحاق ؟  ثم هل ان الحريريون السلفيون تكفيري وهابي كافر زنديق في الفريق السعودي. يسعون فعلا الى ذلك و يريدون نظاما سياسيا جديدا لا يشاركهم فيه احد ؟ مراهنين على متغير يأملونه في سورية ؟ اعتقد ان الراهانات خاسرة و التغيير ان حصل لن يكون في مصلحة من دفع اليه